إلى خطباء الجمعة../ المرتضى محمد اشفاق
تانيد ميديا: رفقا بالمصلين أيها الخطباء، فإن فيهم المريض، والضعيف، وذا الحاجة..وفيهم من يصلون في الشمس، وعلى الرمضاء..
واعلموا رحمكم الله أن جل المصلين لا يعرفون العربية، فهم يصبرون على الخطبة صبر الصغير على اقتلاع ضرسه..
فلا داعي للتطويل، وقراءة المقامات المملة، وأنظام الشواهد..
اقتصدوا يرحمكم الله في الأدعية، لا فائدة في سرد محفوظات الأدعية نثرا، ونظما، فكم من دعاء بعد الخطبة فاقها طولا، وليس من العادة أن تطول الحاشية على الأصل..وكم أطال إمام دعاءه حتى برم الناس، وكادوا يقولون اللهم لا تستجب له..
واعلموا أن بعض المصلين في الصفوف الأولى يخرجون بعد الصلاة لا يعرفون السور التي قرأتم، لانشغالهم بالزحام، وروائح العرق، وآلام الركبتين، وركوب بعض المصلين عليهم..وكانوا يدعون الله أن يخرجهم من ذلك الضيق، والرجم المتكرر بالعبارات المتكلفة، والقصص المبتور، سالمين..
خففوا طول الركوع فإن البعض يشكو من آلام الظهر، وخففوا طول السجود إذا حصلت الطمأنينة وما تيسر من الدعاء، فطوله مرهق لبعض المصلين، ويصيبهم أحيانا بالدوار..
واعلموا يرحمكم الله أن حجم الإنسان واقفا لا يساوي حجمه جالسا، والمكان الذي يشغله واقفا لا يسعه جالسا…
خصصوا فقرة من الخطبة للأحداث اليومية، ومشاكل الناس، مع الابتعاد التام عن أمور السياسة والطائفية، وما يسبب الخصومة..
تحدثوا عن الخبز الضامر كأعواد المساويك، واللحم السيء صورة ووزنا..تحدثوا عن النقل، وغلاء التذكرة في بعض خطوط النقل..
تحدثوا عن أسعار المواد الغذائبة، وجودتها..
تحدثوا عن غرابة، وضرر مواكب سيارات الأعراس التي تنطلق بعد أن يأوي الناس إلى مضاجعهم، وهي تشق القرية المكشوفة طولا وعرضا بأضوائها، ومنبهاتها المزعجة، وعواصف الغبار الثائر، فلا تترك نائما نائما، ولا شيخا استراح من بعض ثبابه إلا كشفت عورته، أليس هذا منافيا لوقار القرية، وسكينتها، وأخلاق أهلها، ومنافيا -إذا احتجنا إلى ذلك- للقانون المجرم لفوضى المواكب، والأصوات المضرة بالناس، وبالنائمين شيوخا، ومرضى..ومنافيا لأخلاق الشباب الواعي الذي ينبغي أن يسعى في ما ينفع الناس، لا في ما يضرهم وبؤذيهم..مواكب الأعراس بصيغتها اليوم، أعمال همجية، جنونية، غابية، لا تنتمي إلى العالم المتحضر..
حثوا الناس على إقامة سهرات الأعراس في أطراف القرية، أو أن تخصص لها أعرشة، أو دور حفلات بعيدا عن وسط القرية فذلك استثمار مربح لمن عمل به، ودافع للأضرار..
حذروا من عمليات السطو، خوفوا الناس، اطلبوا من الشباب اليقظة، والرقابة، والتبليغ عن كل مشتبه فيه..
ردوا إلى المسجد بعض صلاحياته المفقودة، فالمنابر ليست فقط للوعظ والإرشاد…
وتبقى مشكلة الأطفال وشغبهم، وصراخهم، وتراشقهم بالنعال، والحجارة، واعتداء بعضهم على بعض، يبقى كل ذلك مانعا من الطمأنينة، والسكينة، جالبا لحالة الترقب القصوى، لا تأمن أن يركبك طفل وأنت ساجد، أو يصيبك نعل طائش، أو حجر، أو أن تعود حافي القدمين، مشجوجا في مؤخرة رأسك…